الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4215 12 - حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية [ ص: 94 ] ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا. الآية.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للآية في قوله قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم إلى قوله ونحن له مسلمون والحديث ذكره البخاري أيضا في الاعتصام وفي التوحيد عن محمد بن بشار أيضا، وأخرجه النسائي في التفسير أيضا عن محمد بن المثنى.

                                                                                                                                                                                  قوله: "كان أهل الكتاب" أي من اليهود.

                                                                                                                                                                                  قوله: "لا تصدقوا..." إلى آخره، يعني: إذا كان ما يخبرونكم به محتملا؛ لئلا يكون في نفس الأمر صدقا فتكذبوه أو كذبا فتصدقوه فتقعوا في الحرج، ولم يرد النهي عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلافه ولا عن تصديقهم فيما ورد شرعنا بوفاقه، وقال الخطابي: هذا الحديث أصل في وجوب التوقف عما يشكل من الأمور، فلا يقضى عليه بصحة أو بطلان ولا بتحليل وتحريم، وقد أمرنا أن نؤمن بالكتب المنزلة على الأنبياء عليهم السلام، إلا أنه لا سبيل لنا إلى أن نعلم صحيح ما يحكونه عن تلك الكتب من سقيمه فنتوقف، فلا نصدقهم؛ لئلا نكون شركاء معهم فيما حرفوه منه، ولا نكذبهم فلعله يكون صحيحا فنكون منكرين لما أمرنا أن نؤمن به، وعلى هذا كان يتوقف السلف عن بعض ما أشكل عليهم، وتعليقهم القول فيه كما سئل عثمان - رضي الله تعالى عنه - عن الجمع بين الأختين في ملك اليمين، فقال: أحلتهما آية وحرمتهما آية، وكما سئل ابن عمر عن رجل نذر أن يصوم كل اثنين فوافق ذلك اليوم يوم عيد فقال: أمر الله بالوفاء بالنذر، ونهى النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - عن صوم يوم العيد.

                                                                                                                                                                                  فهذا مذهب من يسلك طريق الورع، وإن كان غيرهم قد اجتهدوا واعتبروا الأصول فرجحوا أحد المذهبين على الآخر، وكل على ما ينويه من الخير ويؤمه من الصلاح مشكور.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية