الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1302 ص: قال أبو جعفر : -رحمه الله-: فقد بينا بما ذكرنا عن النبي - عليه السلام - خلاف ما روى عبادة . - رضي الله عنه - فلما اختلفت هذه الآثار المروية في ذلك التمسنا حكمه من طريق النظر; فرأيناهم جميعا لا يختلفون في الرجل يأتي الأمام وهو راكع أنه يكبر ويركع معه، ويعتد بتلك الركعة وإن لم يقرأ فيها شيئا، فلما أجزأه ذلك في حال خوفه فوت الركعة احتمل أن يكون إنما أجزأه ذلك لمكان الضرورة، واحتمل أن يكون إنما أجزأه ذلك لأن القراءة خلف الإمام ليست عليه فرضا، فاعتبرنا ذلك، فرأيناهم لا يختلفون أن من جاء إلى الأمام وهو راكع فركع قبل أن يدخل في الصلاة بتكبير كان منه; أن ذلك لا يجزئه وإن كان إنما تركه لحال الضرورة وخوف فوات الركعة، وكان لا بد له من قومة في حال الضرورة وغير حال الضرورة، فهذه صفات الفرائض التي لا بد منها في الصلاة، ولا تجزئ الصلاة إلا بإصابتها; فلما كانت القراءة مخالفة لذلك وساقطة في حال الضرورة كانت من غير جنس ذلك، فكانت في النظر أيضا ساقطة في غير حال الضرورة، فهذا هو النظر في هذا، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد -رحمهم الله-.

                                                [ ص: 112 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 112 ] ش: قد ذكر فيما مضى أن حديث عبادة بين فيه أنه - عليه السلام - أمر المأمومين بالقراءة خلفه بالفاتحة، وأن حديث أبي هريرة يضاده، وكذلك حديث آخرين من الصحابة كما ذكره مفصلا، ثم لما اختلفت هذه الأحاديث في هذا الباب تعين التماس حكمه من طريق النظر والقياس، ووجهه ملخصا: أن الرجل إذا أدرك الإمام وهو راكع فإنه يكبر ويركع وتغني تلك الركعة عن القيام مع عدم القراءة فيه، ولكن يحتمل أن يكون جواز ذلك إما للضرورة، وإما لعدم وجوب القراءة خلف الإمام، فاعتبرنا ذلك، فوجدنا الرجل إذا أدرك الإمام وهو راكع، فركع قبل أن يدخل في الصلاة بتكبير حصل منه، أنه لا يجوز، وإن كان تركه القوم للضرورة -وهي خوف فوت الركعة- وعلم من ذلك أن لا بد له من قومة مطلقا، ووجدنا القراءة مخالفة لهذا الحكم وساقطة في حال الضرورة، وصارت من خلاف جنس هذا، فالنظر على ذلك أن تكون القراءة ساقطة في غير حال الضرورة، فافهم.




                                                الخدمات العلمية