الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1224 ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا خطاب بن عثمان ، قال: ثنا إسماعيل بن عياش ، عن مسلم بن خالد ، عن جعفر بن محمد ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي - رضي الله عنه - " أنه كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر بأم القرآن وقرآن، وفي العصر مثل ذلك، وفي الأخريين منهما بأم القرآن، وفي المغرب في الأوليين بأم القرآن وقرآن، وفي الثالثة بأم القرآن" . قال عبيد الله: : فأراه قد رفعه إلى النبي - عليه السلام -.

                                                التالي السابق


                                                ش: خطاب بن عثمان الطائي الفوزي أبو عمر الحمصي، شيخ البخاري .

                                                وإسماعيل بن عياش -بالياء آخر الحروف المشددة، وبالشين المعجمة- بن سليم الحمصي أبو عتبة العنسي -بالنون- تكلم فيه ناس ولكنه ثقة، قال الفسوي:

                                                [ ص: 18 ] تكلم قوم في إسماعيل وهو ثقة عدل، أعلم الناس بحديث الشام، أكثر ما تكلموا فيه قالوا يغرب عن ثقات الحجازيين. قال دحيم: هو في الشاميين غاية، وخلط عن المدنيين. وروى له الأربعة.

                                                ومسلم بن خالد بن قرقرة، ويقال: ابن جرجة ، أبو خالد المكي المعروف بالزنجي شيخ الشافعي، ضعيف قاله يحيى، وعنه: ثقة. وعنه: ليس به بأس. وقال أبو داود: ضعيف. وقال ابن المديني: ليس بشيء. وقال البخاري: منكر الحديث. روى له أبو داود وابن ماجه .

                                                وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - أبو عبد الله المدني الصادق شيخ أبي حنيفة - رضي الله عنه - من ثقات الناس، روى له الجماعة والبخاري في غير "الصحيح".

                                                والزهري هو محمد بن مسلم .

                                                وعبيد الله بن أبي رافع المدني مولى النبي - عليه السلام -، واسم أبي رافع: أسلم، أو إبراهيم، أو هرمز، أو ثابت، وقد تكرر ذكره، وسماعه عن علي - رضي الله عنه - صحيح، قاله البيهقي، وكان كاتبا لعلي - رضي الله عنه -.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة; وعبد الرزاق في مصنفيهما مختصرا موقوفا.

                                                فابن أبي شيبة : عن عبد الأعلى ، عن عمه، عن الزهري ، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي - رضي الله عنه - أنه كان يقول: "يقرأ الإمام ومن خلفه في الظهر والعصر في الركعتين الأولين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب".

                                                وعبد الرزاق : عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن أبي رافع قال: "كان -يعني عليا - رضي الله عنه - يقرأ في الأوليين من الظهر والعصر بأم القرآن وسورة، ولا يقرأ في الأخريين".

                                                [ ص: 19 ] وكذلك أخرجه الدارقطني في "سننه" والبيهقي في "المعرفة" موقوفا.

                                                فالدارقطني : عن محمد بن مخلد ، عن محمد بن إسحاق الصاغاني ، عن شاذان ، عن شعبة ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن ابن أبي رافع ، عن أبيه، عن علي: "أنه كان يأمر أو يحب أو يقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب خلف الإمام".

                                                والبيهقي : عن أبي عبد الله الحافظ ، عن محمد بن أحمد بن حمدان ، عن جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ ، عن عمرو بن علي ، عن يزيد بن زريع ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي قال: "اقرأ في صلاة الظهر والعصر خلف الإمام بفاتحة الكتاب وسورة".

                                                وكذلك رواه يزيد بن هارون ، عن سفيان بن حسين، دون ذكر أبيه فيه.

                                                قوله: "بأم القرآن" أراد بها فاتحة الكتاب، وسميت بأم القرآن لاشتمالها على المعاني التي في القرآن من الثناء على الله بما هو أهله، ومن التعبد بالأمر والنهي، ومن الوعد والوعيد، ولها أسامي أخرى كثيرة.

                                                قوله: "وقرآن" بالجر عطفا على قوله: "بأم القرآن" وأراد به سورة، ونحوها من آية طويلة أو ثلاث آيات قصار.

                                                قوله: "في العصر مثل ذلك" أي مثل ما كان يقرأ في الظهر.

                                                قوله: "فأراه" أي: أرى عليا، أي: أظنه أنه قد رفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

                                                وقد أخرجه مرفوعا.

                                                ويستفاد منه: وجوب القراءة في الظهر والعصر، ووجوب ضم السورة إلى الفاتحة والاكتفاء في الركعة الثالثة من المغرب بسورة الفاتحة، وكذلك في الأخريين من الظهر والعصر.

                                                [ ص: 20 ] ويستفاد من رواية عبد الرزاق: أن القراءة ليست بواجبة في الأخريين منهما، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه، حتى لو سبح فيهما جاز، وكذا لو سكت، ولكنه مكروه.

                                                وقال ابن أبي شيبة في "مصنفه" : ثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث، عن علي - رضي الله عنه -: "أنه كان يقرأ في الأوليين ويسبح في الأخريين". وكفى بعلي حجة في هذا.

                                                وأخرج أيضا : عن جرير ، عن منصور وقال: "قلت لإبراهيم: ما نفعل في الركعتين الأخريين من الصلاة؟ قال: سبح واحمد الله وكبر".

                                                وروى محمد بن الحسن عن أبي حنيفة: أن القراءة في الأخريين واجبة، حتى لو تركها ساهيا تلزمه سجدة السهو.




                                                الخدمات العلمية