الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1583 ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: بل ينبغي أن يسلم عن يمينه وعن شماله، يقول في كل واحدة من التسليمتين: السلام عليكم ورحمة الله.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: نافع بن عبد الحارث وعلقمة وأبا عبد الرحمن السلمي وعطاء بن أبي رباح والشعبي والثوري والنخعي وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدا والشافعي وإسحاق وابن المنذر; فإنهم قالوا: إن المصلي يسلم في آخر صلاته تسليمتين: تسليمة عن يمينه، وتسليمة عن يساره.

                                                ويحكى ذلك عن أبي بكر الصديق وعلي وعمار وابن مسعود - رضي الله عنهم -.

                                                ثم اختلفوا في السلام هل هو واجب أم سنة؟

                                                فعن أبي حنيفة: أنه واجب. وقيل: سنة، وقال صاحب "الهداية": ثم إصابة لفظة السلام واجبة عندنا، وليست بفرض; خلافا للشافعي .

                                                وفي "المغني" لابن قدامة: التسليم واجب لا يقوم غيره مقامه، والواجب تسليمة واحدة، والثانية سنة.

                                                وقال ابن المنذر: وأجمع العلماء على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة.

                                                [ ص: 489 ] وقال الطحاوي: قال الحسن بن حر: هما واجبتان. وهي رواية عن أحمد، وبه قال أصحاب مالك .

                                                وعند الشافعي: السلام فرض، وكذا عن أحمد، وقال الثوري: لو أخل بحرف من حروف "السلام عليكم" لم تصح صلاته.

                                                وقال في "المغني" أيضا: والسنة أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله، فإن قال: وبركاته أيضا فحسن، والأول أحسن، وإن قال: السلام عليكم ولم يزد فظاهر كلام أحمد أنه يجزئه.

                                                قال القاضي: ونص عليه أحمد في صلاة الجنازة، وهو مذهب الشافعي .

                                                وقال ابن عقيل: الأصح أنه لا يجزئه فإن نكس السلام فقال: عليكم السلام; لم يجزه.

                                                وقال القاضي: فيه وجه أنه يجوز، وهو مذهب الشافعي، فإن قال: سلام عليكم منكرا منونا ففيه وجهان:

                                                أحدهما: يجزئه، وهو مذهب الشافعي. وقال ابن حزم: الأولى فرض، والثانية سنة حسنة لا يأثم تاركها.




                                                الخدمات العلمية