الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1645 ص: فاحتج عليهم الآخرون فقالوا: قد رأينا القعود الأول من قام عنه ساهيا فاستتم قائما أمر بالمضي في قيامه ولم يؤمر بالرجوع إلى القعود.

                                                ورأينا من قام من القعود الأخير ساهيا فاستتم قائما أمر بالرجوع إلى القعود.

                                                قالوا: فما يؤمر بالرجوع إليه بعد القيام عنه فهو فرض، وما لم يؤمر بالرجوع إليه بعد القيام عنه فليس ذاك بفرض، ألا ترى أن من قام وعليه سجدة من صلاته حتى استتم قائما أمر بالرجوع إلى ما قام عنه; لأنه قام فترك فرضا، فأمر بالعود إليه، فكذلك القعود الأخير لما أمر الذي قام عنه بالرجوع إليه كان ذلك دليلا أنه فرض، فلو كان غير فرض إذا لما أمر بالرجوع إليه كما لم يؤمر بالرجوع إلى القعود الأول.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا جواب عن وجه النظر الذي ذكره هؤلاء المذكورون، ملخصه أن يقال: الذي ذكرتم من قياس القعود الأخير على الأول في عدم الفرضية فاسد; لأنا وجدنا دليلا يفرق بينهما بأن يجعل الأول سنة، والثاني فرضا، وهو قوله: [ ص: 555 ] "قد رأينا القعود الأول من قام عنه حال كونه ساهيا ... إلى آخره" وهو ظاهر غني عن الشرح.

                                                ولكن لهم أن يقولوا نحن ما نوجب الرجوع إلى القعود في الحالتين فيصح حينئذ القياس، ويمكن أن يجاب بأن الرجوع وإن لم يكن فرضا لأجل القعود يكون فرضا لأجل الخروج من الصلاة بالتسليمة إن كانوا يرونها فرضا، وبغيرها إن لم يروها فرضا، وفيه نظر لا يخفى. فافهم.




                                                الخدمات العلمية