الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وإن آثر بمكانه الأفضل ، أو سبق إليه آخر ، فقيل : يكره ، وقيل : يباح . وفي الفصول : لا يجوز الإيثار ، وقيل : يجوز إن آثر أفضل منه .

                                                                                                          وفي الفنون : إن آثر ذا هيئة بعلم ودين جاز ، وليس إيثارا حقيقة ، بل اتباعا للسنة ( 9 - 10 ) لقوله عليه السلام [ ص: 107 ] ليلني منكم أولو الأحلام والنهى فإذا قام مقام ذلك فقد غصبه عليه ، كذا قال ، ويؤخذ من كلامهم تخريج سؤال ذلك عليها ، وهو متجه ، وصرح [ به ] في الهدي فيهما بالإباحة ، ولا يكره القبول ، [ ص: 108 ] وقيل : بلى ، والطريق للمرور فلم يكره السبق .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( مسألة 9 ) وإن آثر بمكانه الأفضل أو سبق إليه آخر ، فقيل : يكره ، وقيل : يباح ، وفي الفصول : لا يجوز الإيثار ، وقيل : يجوز إن آثر أفضل منه ، وفي الفنون : إن آثر ذا هيئة بعلم [ ودين ] جاز ، وليس إيثارا حقيقة ، بل اتباعا للسنة ، انتهى . ذكر المصنف مسألتين : [ ص: 107 ]

                                                                                                          ( المسألة الأولى ) لو آثر بمكانه الأفضل ، فهل يكره أو يباح أو يحرم أو يجوز إن كان أفضل منه ؟ أطلق الخلاف ، أحدها يكره الإيثار مطلقا ، وهو الصحيح ، جزم به في المذهب والمستوعب والكافي والتلخيص والرعاية والنظم والحاويين وغيرهم ، وقدمه في المغني وشرح المجد والشرح ومختصر ابن تميم البحرين وشرح ابن رزين وحواشي المصنف على المقنع والرعاية الكبرى وغيرهم ، قال المصنف في النكت : هذا المشهور ، انتهى .

                                                                                                          والقول الثاني : يباح ، وهو احتمال للمجد في شرحه ، والقول الثالث : لا يجوز الإيثار ، قاله في الفصول . والقول الرابع : يجوز إن آثر أفضل منه ، وهو احتمال في المغني وغيره ، وقد ذكر المصنف كلامه في الفنون .

                                                                                                          ( المسألة 10 الثانية ) لو آثر شخصا فسبق إليه غيره فهل يكره أو يباح ؟ أطلق الخلاف ، أو يحرم ؟ فيه أقوال ، أحدها يحرم ، وهو الصحيح ، قدمه في المغني والشرح وصححاه ، وصححه في الرعاية الكبرى ، وقدمه ابن رزين في شرحه وغيره ، ولم يذكره المصنف ، وهو عجيب منه ، والقول الثاني : يباح ، اختاره ابن عقيل ، وصححه النظم ، وجزم به في الفصول والمستوعب ، وقدمه في مختصر ابن تميم ومجمع البحرين وحواشي المصنف وغيرهم . والقول الثالث : يكره ، وقيل : بالمنع هنا إن قيل الإيثار غير مكروه ، وهو للمجد ، وهو موافق لما قاله الشيخ وغيره .

                                                                                                          ( تنبيه ) .

                                                                                                          لم يذكر المصنف القول بالتحريم ، مع أنه هو الصحيح ، وإنما ذكر الكراهة والإباحة وأطلق الخلاف فيهما ، والصحيح الإباحة .




                                                                                                          الخدمات العلمية