الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 368 ] فصل أقل نصاب الإبل خمس ( ع ) فتجب فيها شاة ( ع ) وقال أبو بكر تجزئه عشرة دراهم ; لأنها بدل شاة الجبران ، كذا أطلقه بعضهم ، وذكر بعضهم : لا تجزئه مع وجود الشاة في ملكه ، وإلا فوجهان . ولا تعتبر الشاة بغالب غنم البلد ( م ) وتعتبر الشاة بصفة الإبل ، ففي كرام سمان كريمة سمينة ، والعكس بالعكس ، وإن كانت الإبل معيبة فقيل الشاة كشاة الصحاح ; لأن الواجب من غير الجنس كشاة الفدية والأضحية ، وقيل : بل صحتها بقدر المال ، تنقص قيمتها بقدر نقص الإبل كشاة الغنم ، وقيل : شاة تجزئ في الأضحية ( م 8 ) ولا تعتبر القيمة ، ولا يجزئ بعير ، نص . [ ص: 360 ] عليه ( و م ) كبقرة ، وكنصفي شاتين في الأصح ، وقيل : بلى إن كانت ، قيمته قيمة شاة وسط فأكثر ، بناء على إخراج القيمة ( و هـ ) وقيل : تجزئ إن أجزأ عن خمس وعشرين ( و ش ) . وفي عشر شاتان ( ع ) وفي خمس عشرة ثلاث شياه ( ع ) وفي عشرين أربع شياه ( ع ) وفي خمس وعشرين بنت مخاض ( ع ) ولها سنة سميت بذلك ; لأن أمها قد حملت غالبا ، وليس بشرط ، والماخض الحامل فإن عدمها في ماله أو كانت معيبة فابن لبون ذكر ، والأشهر أو خنثى ، وله سنتان ، ولو نقصت قيمته عنها ( هـ ) ، أو حق ، أو جذع ، أو ثني وأولى ، لزيادة السن ، وفي بنت لبون وله جبران وجهان ، لاستغنائه بابن اللبون عن الجبران . وجزم صاحب المحرر بالجواز ( م 9 ) ; لأن [ ص: 361 ] الشارع لم يشترط لأحدهما عدم الآخر . وفي جبران الأنوثة بزيادة سن في غيرها وجهان ( م 10 ) وإن كان في ماله بنت مخاض أعلى من الواجب لم يجزه ابن لبون ( ش ) والأشهر : ولا يلزمه إخراجها ، بل يخير بينها وبين شراء بنت مخاض بصفة الواجب ، وإن عدم ابن لبون لزمه شراء بنت مخاض ، ولا يجزئه هو ( ش ) لقوله في خبر أبي بكر الصحيح : فلم يكن عنده ابنة مخاض على وجهها ، وعنده ابن لبون ، فإنه يقبل منه ، كذا ذكره ابن حامد وتبعه الأصحاب ، ويأتي قول أبي المعالي فيمن عدم الواجب . [ ص: 362 ] وفي ست وثلاثين بنت لبون ( ع ) سميت به ; لأن أمها وضعت فهي ذات لبن وقيل : ويجزئ ابن لبون بجبران لعدم ، وفي ست وأربعين حقة ( ع ) ولها ثلاث سنين سميت بذلك ; لأنها استحقت أن تركب ويحمل عليها ويطرقها الفحل وفي إحدى وستين جذعة ( ع ) ولها أربع سنين ; لأنها تجذع إذا سقطت سنها وتجزئ ثنية بلا جبران سميت بذلك ; لأنها ألقت ثنيتها ، وللشافعية في الجبران وجهان . قال أبو المعالي : ولا يجزئ فوقها ، وأطلق الشيخ وغيره في مسألة الجبران الإجزاء وهو أظهر ، وقيل : تجزئ حقتان أو ابنتا لبون ( و ش ) وابنتا لبون عن الحقة ، جزم به الشيخ ، قال بعضهم وينتقض ببنت مخاض عن عشرين ، وبثلاث بنات مخاض عن الجذعة . والأسنان المذكورة للإبل قول أهل اللغة ( و ) وذكر ابن أبي موسى لبنت مخاض سنتان ، ولبنت لبون ثلاث ، ولحقة أربع ، ولجذعة خمس كاملة ، فكيف يحمله صاحب المحرر على بعض السنة مع قوله : كاملة ، وقيل : لبنت مخاض : نصف سنة ، ولبنت لبون : سنة ، ولحقة : سنتان . ولجذعة : ثلاث . وقيل : بل ست . وفي ست وسبعين ابنتا لبون ( ع ) وفي إحدى وتسعين حقتان ( ع ) وفي إحدى وعشرين ومائة ثلاث بنات لبون ، وهل الواحدة عفو وإن تغير بها الفرض أو يتعلق بها الوجوب ؟ فيه وجهان ( م 11 ) ثم تستقر الفريضة ، ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة ، هذا [ ص: 363 ] المذهب ، للأخبار ، منها خبر أنس في البخاري وحديث أبي بكر ( و ش م ر ) وعنه : الحقتان إلى مائة وثلاثين ، فتستقر الفريضة كما سبق ، ففي مائة وثلاثين حقة وبنتا لبون ، اختاره أبو بكر في كتاب الخلاف وأبو بكر الآجري ( و م ر ) لخبر عمرو بن حزم ، وفيه ضعف ، فإن صح عورض بروايته الأخرى ، وبما هو أكثر منه وأصح ، ولا أثر لزيادة بعض بعير وبقرة وشاة . ومذهب ( هـ ) تستأنف الفريضة بعد العشرين ومائة ، ففي كل خمس شاة مع الحقتين ، إلى خمس وأربعين ففيها حقتان وبنت مخاض ، ثم في مائة وخمسين ثلاث حقاق ، ثم تستأنف الفريضة ، فإذا زادت ففي كل خمس من الزيادة شاة ، إلى خمس وعشرين ففيها بنت مخاض مع ثلاث الحقاق ، وفي ست وثلاثين بنت لبون مع ثلاث الحقاق ، وفي ست وأربعين حقة مع ثلاث الحقاق ، فيصير أربعا ، إلى مائتين ، فإذا زادت استؤنفت الفريضة كما بعد المائة والخمسين إلى المائتين هكذا أبدا ، لرواية مرسلة من حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه . .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( مسألة 8 ) قوله : وإن كانت الإبل معيبة ، فقيل : الشاة كشاة الصحاح ; لأن [ ص: 360 ] الواجب من غير الجنس كشاة الفدية والأضحية ، وقيل : بل صحتها بقدر المال ، تنقص قيمتها بقدر نقص الإبل ، كشاة الغنم ، وقيل : شاة تجزئ في الأضحية ، انتهى . وأطلقهما المجد في شرحه ، أحدهما يلزمه شاة كشاة الصحاح ، لما علله المصنف .

                                                                                                          ( قلت ) : وهو أضعفها ، وما قيس عليه غير مسلم ، والقول الثاني وهو لزوم شاة صحتها بقدر المال هو العدل والصواب ، وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى ، وقدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين ، والقول الثالث اختاره القاضي ، وفيه ما فيه .

                                                                                                          ( مسألة 9 ) قوله : فإن عدمها يعني بنت المخاض فابن لبون ذكر . أو حق ، أو جذع ، أو ثني وأولى ، لزيادة السن ، وفي بنت لبون وجهان ، لاستغنائه بابن لبون عن الجبران ، وجزم صاحب المحرر بالجواز ، انتهى . أحدهما ، يجوز ، وهو الصحيح ، جزم به المجد في شرحه ، وابن تميم وابن حمدان وغيرهم ; لأن الشارع لم يشترط لأحدهما عدم الآخر . والوجه الثاني لا يجوز ولا يجزئ . [ ص: 361 ] مسألة 10 ) قوله : وفي جبران الأنوثة بزيادة سن في غيرها وجهان ، انتهى ، يعني هل يجبر فقد الأنوثة بزيادة سن في غير بنت المخاض ، وتجزئ ، أم لا ؟ أطلق الخلاف فيه ، وأطلقهما ابن تميم وابن حمدان في الكبرى ، أحدهما لا يجبر ولا يجزئ ، وهو الصحيح ، قدمه في المغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم ، ونصروه ، واختاره القاضي وابن عقيل والمجد في شرحه .

                                                                                                          وقال : ذكر ابن عقيل في موضع من الفصول جواز الجذع عن الحقة وعن بنت لبون ، لجواز الحق عن بنت المخاض ، وعلله ، قال المجد : وهذا مناقض لما ذكره من أنه لا يجوز إخراج الحق عن بنت لبون ، وهو مع ذلك سهو ، وبين وجه السهو .

                                                                                                          وقال في الفائق : ولا يجبر نقص الذكورية بزيادة سن ، في أصح الوجهين ، انتهى .

                                                                                                          قلت : وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب ، والوجه الثاني يجبر ، وقد تقدم ما قاله ابن عقيل في موضع من الفصول ، وما رده به المجد ، قال الشيخ في المغني والشرح عن هذا الوجه : اختاره القاضي وابن عقيل ، والظاهر أن لهما اختيارين ، فإن الأول ذكره المجد عنهما ، والثاني ذكره الشيخ عنهما أيضا ، والله أعلم . [ ص: 362 ] مسألة 11 ) قوله : وفي إحدى وعشرين ومائة ثلاث بنات لبون ، وهل [ ص: 363 ] الواحدة عفو وإن تغير بها الفرض أم يتعلق بها الوجوب ؟ فيه وجهان ، انتهى . وهما لابن عقيل في عمد الأدلة ، وأطلقهما ابن تميم ، أحدهما يتعلق بها الوجوب ، وكذا بغيرها ، وظاهر كلام أكثر الأصحاب ، والوجه الثاني هي عفو وإن تغير بها الفرض .




                                                                                                          الخدمات العلمية