الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وفي دعوى غلط ممكن من الخارص ، فإن فحش فقيل : يرد قوله ، وقيل : ضمانا كانت أو أمانة [ ص: 432 ] يرد في الفاحش فقط ( م 15 ) ظاهر كلامهم : كما لو ادعى كذبه عمدا [ ص: 433 ] لم يقبل ، وجزم به غير واحد ، وإن قال إنما حصل بيدي [ كذا ] قبل منه ، ويكلف بينة في دعواه جائحة ظاهرة تظهر عادة ( و ) ثم يصدق في التلف ( و ) وأطلق بعضهم ، وجزم به في الرعاية أنه يصدق في جائحة ، وقدمه ابن تميم ، ثم حكى الأول عن ابن عقيل ، وأنه إن ادعى ما يخالف العادة لم يقبل ، والظاهر أن هذا من تتمة قول ابن عقيل ، وسبق قريبا بما يستقر الوجوب .

                                                                                                          [ ص: 431 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 431 ] تنبيه ) قوله : ضمانا كانت أو أمانة . الضمان أن يختار التصرف ويضمن قدر الزكاة . والأمانة : أن يختار حفظهما إلى وقت الجفاف من غير تصرف ، ويخرج عن المتحصل . إذا علم ذلك فيحتمل أن مراده بالقول الأول إذا اختار أن يكون عنده أمانة ، ويحتمل أن يكون مراده إذا اختار أن يكون عنده ضمانا ، فعلى الأول يلزم منه أنه يرد قوله إذا قلنا إنها عنده أمانة إذا فحش على القولين ، ولا يرد إذا كانت ضمانا على القول الأول ، وهو بعيد ، ويلزم على الثاني أن يرد قوله إذا كانت ضمانا على القولين ، ولا يرد إذا كانت أمانة على القول الأول ، وهو أولى ، لأن الأمير يقبل قوله .

                                                                                                          ثم ظهر لي أن القول الأول فيما إذا ادعى غلطا فاحشا يرد قوله مطلقا ، بحيث إنه يؤخذ منه زكاة ما قاله الخارص بأجمعه ، والقول الثاني يرد قوله في الفاحش فقط ، بحيث إنه يسقط عنه زكاة ما دون الفاحش مما يقبل قوله فيه إذا ادعاه ، ويؤخذ منه الزائد على ذلك ، وهذا والله أعلم هو الصواب ، وفي كلامه ما يدل على ذلك ، فإنه قال في القول الثاني : ترد في الفاحش فقط ، فقيده بذلك ، وفي القول الأول قال : يرد قوله ، من غير تقييد ، أي مطلقا ، يعني في الفاحش وغيره ، ويقرب من ذلك ما قاله الأصحاب فيما إذا وكله في بيع فباع بدون ثمن المثل ، فإن كان مما لا يتغابن الناس بمثله فهو معفو عنه ، وإن كان مما يتغابن الناس بمثله صح وضمن .

                                                                                                          وفي قدره وجهان أحدهما هو بين ما باع به وثمن المثل ، والثاني هو بين ما يتغابن به الناس وما لا يتغابنون ، وما قاله الزركشي في خيار العيب فيما إذا كسره [ ص: 432 ] كسرا يمكنه الاستعلام بدونه ، فالقول الأول في مسألة المصنف موافق للوجه الأول في مسألة الوكالة ، والصحيح الوجه الأول ، على ما يأتي في كلام المصنف في الوكالة ، فإنه أطلق الخلاف فيها ، فكذا يكون في هذه ، وهو الصواب ، وعموم كلام ، الأصحاب المتقدم يدل عليه . والله أعلم .

                                                                                                          ( مسألة 15 ) قوله ويصدق في دعوى غلط ممكن من الخارص ، فإن فحش ، فقيل : يرد قوله ، وقيل ضمانا كانت أو أمانة يرد في الفاحش فقط ، انتهى ، لم يظهر لي الآن تحرير محل الخلاف في هذه المسألة ، وسيأتي ما فيه في التنبيه الآتي بعد هذا ، قال ابن تميم : وإن ادعى في الخرص غلطا يقع مثله عادة ، كالسدس ونحوه ، قبل منه ، وإن كثر كالثلث ونحوه لم يقبل ، لكن إن قال : ما حصل في يدي غير كذا ، قبل ، انتهى .

                                                                                                          وقال في الرعاية الكبرى : فإن ادعى ربه غلطه ولم يبينه ببينة لم يسمع قوله ، وإن قال : غلط بالسدس ونحوه ، صدق ، فإن ادعى أكثر منه كنصف وثلث فلا ، وقيل : إن ادعى غلطا محتملا قبل قوله بلا يمين ، وإلا فلا ، انتهى وقال في الحاوي الكبير : فإن ادعى غلطا في السدس ونحوه صدق ، وقيل : إن ادعى محتملا قبل بلا يمين .

                                                                                                          وقاله أيضا في التلخيص والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم .

                                                                                                          وقال في المغني والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم : وإن ادعى رب المال غلط الخارص ، وكان ما ادعى محتملا ، قبل قوله بغير يمين ، وإن لم يكن محتملا مثل أن ادعى غلط النصف ونحوه لم يقبل منه ، وإن قال : لم يحصل في يدي غير كذا قبل منه بغير يمين ، انتهى . فهؤلاء الجماعة قالوا : حيث ادعى غلطا كثيرا لم يقبل منه ، وأطلقوا ، والظاهر أنه مراد المصنف بقوله " فإن فحش " وقوله " يرد في الفاحش " ( قلت ) : وهذا الصحيح ، ولا نعلم ما ينافيه ، وظاهر كلامهم أنه سواء كان أمانة أو ضمانا ، والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية