الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويعتبر كون ذلك بعدما يحتاجه لنفسه أو لمن تلزمه مؤنته من مسكن وعبد ودابة وثياب [ ص: 519 ] بذلة ونحو ذلك ( و ) وذكر بعضهم هذا قولا ، كذا قال ، وجزم به الشيخ ، أو له كتب يحتاجها للنظر والحفظ أو للمرأة حلي للبس أو للكراء تحتاج إليه ، ولم أجد هذا في كلام أحد قبله ، ولم يستدل عليه ، ووجهه أنه يحتاج إلى ذلك كغيره ، كما سبق ، وذكره في الهداية للحنفية في كتب العلم لأهلها ، وظاهر ما ذكره الأكثر من الوجوب واقتصارهم على ما سبق من المانع أن هذا لا يمنع ، ولهذا لم أجد أحدا استثنى ذلك في حق المفلس ، مع أن الأصحاب أحالوا الاستطاعة في الحج على المفلس ، وذكر في الفصول في الفلس أن الاستطاعة في الحج نظيره ، فهذان قولان على هذا ، ووجهه التسوية بين حق الله وحق الآدمي [ وأن حق الآدمي آكد ] .

                                                                                                          ويتوجه احتمال ثالث أن الكتب تمنع بخلاف الحلي للبس ، الحاجة إلى العلم وتحصيله ، ولهذا ذكر الشيخ أن الكتب تمنع في الحج والكفارة ، ولم يذكر الحلي ، فعلى الأولى هل يمنع ذلك من أخذ الزكاة ؟ يتوجه احتمالان أحدهما يمنع ، وهو الذي نص عليه أحمد والقاضي في الحلي كما سبق ، لكن قد يقال : لم يصرح أحمد والقاضي بأنه للبس ، فلا تعارض ، وقد يقال : الظاهر من اتخاذه اللبس ، فيحمل على الظاهر ، كالمصرح به ، ووجهه أن ذلك مما منه بد ، فمنع كغيره ، وأخذ الزكاة أضيق ، ولهذا تمنع القدرة على الكسب فيه ، ولا تؤخذ في غيره ، والثاني لا يمنع ، لحاجة إليه ، كما لا بد منه ، ولهذا سوى الشيخ هنا في الحلي [ ص: 520 ] بين اللبس والحاجة أي كرائه ( م 3 ) لكن يلزم من هنا جواز أخذ الفقيرة ما تشتري به حليا ، كما تأخذ لما لا بد منه ، وسبق كلام شيخنا أخذ الفقير لشراء كتب يحتاجها ، ولم أجد ذلك في كلام الأصحاب ، وعلى القول الثاني الذي هو ظاهر ما ذكره الأكثر يمنع ذلك أخذ الزكاة ، وعلى الاحتمال الأول الذي يوافقه نص أحمد في الحلي هل يلزم من كون ذلك يمنع من أخذ الزكاة أن يكون كالدراهم والدنانير في بقية الأبواب تسوية بينهما أم لا ؟ لما سبق من أن الزكاة أضيق ، يتوجه الخلاف ، وعلى الاحتمال الثاني هو كسائر ما لا بد منه ، والله أعلم .

                                                                                                          [ ص: 520 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 520 ] مسألة 3 ) قوله : ويعتبر كون ذلك فاضلا عما يحتاجه لنفسه أو لمن تلزمه مؤنته من مسكن وخادم وعبد ودابة وثياب بذلة ونحو ذلك وجزم الشيخ : أو له كتب يحتاجها للنظر والحفظ ، أو للمرأة حلي للبس أو للكراء تحتاج إليه ، ولم أجد هذا في كلام أحد قبله وذكر بعد هذا أقوالا ثم قال : فعلى الأول ، هل يمنع ذلك من أخذ الزكاة ؟ يتوجه احتمالان ، إحداهما يمنع ، وهو الذي نص عليه أحمد والقاضي في الحلي ، كما سبق ، لكن قد يقال : لم يصرح أحمد والقاضي بأنه للبس ، فلا تعارض والثاني لا يمنع ، للحاجة إليه ، كما لا بد منه ، ولهذا سوى الشيخ هنا في الحلي بين اللبس والحاجة إلى كرائه انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) : الصواب أن ذلك لا يمنع من أخذ الزكاة ، والله أعلم .

                                                                                                          ( تنبيه ) قوله : " وسبق كلام شيخنا أخذ الفقير لشراء كتب يحتاجها " لم يسبق هذا ، وإنما يأتي في أول باب ذكر أصناف الزكاة .




                                                                                                          الخدمات العلمية