الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويجوز لمريض على الأصح للمشقة ( و م ) وزاد : يقدم خوف الإغماء ، واحتج أحمد بأنه أشد من السفر ، وشرط بعضهم : إن جاز له ترك القيام ، واحتجم أحمد بعد الغروب ثم تعشى ثم جمع بينهما في وقت إحداهما ، قال في الخلاف : يحتمل وجهين : أحدهما أنه كان مسافرا ، ويحتمل أنه خاف إن أخر العشاء يمرض ، لأجل الحجامة السابقة ، ويجوز لمطر وثلج ، في المنصوص ، وحكى المنع رواية ( و هـ ) يشق ( و م ش ) وقيل : ولطل بين المغرب والعشاء ولو في وقت العشاء ( ش ) وعنه : بين الظهر والعصر ، اختاره جماعة ( و ش ) والأول أشهر ، ويجوز للوحل في الأصح ( هـ ش ) وقيل : على الأصح ليلا ، وأطلق جماعة ، وقاسه القاضي وغيره على الجمع لهما للوحل ، مع أنه قال بعد هذا : الوحل عذر في الجمع ، وذكر رواية أبي طالب المذكورة ، قال : فقد جعله عذرا في إسقاط الجمعة ، واحتج بخبر ابن عمر أنه أمر مناديه في ليلة باردة [ ص: 69 ] فنادى : الصلاة في الرحال . وذكر الخبر ، قال : فإذا جاز ترك الجماعة لأجل البرد كان فيه تنبيها على الوحل [ لأنه ] ليس مشقة البرد بأعظم من الوحل ، ويدل عليه خبر ابن عباس " جمع النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة من غير خوف ولا مطر " ولا وجه له يحمل عليه إلا الوحل . قال : وهو أولى من حمله على غير العذر والنسخ ; لأنه يحمل على فائدة ، وقيل : ليلا مع ظلمة ( و م ر ) ومثله ريح شديدة باردة ( خ ) وذكر أحمد للميموني أن ابن عمر كان يجمع في الليلة الباردة ، وسبق كلام القاضي في المسألة قبلها ، وكلامهم لا يخالف فيما إذا ظهر أن مشقة بعض سببين فأكثر من ذلك كمشقة سبب منها ، أنه يجوز الجمع لعدم الفرق ، وإن لم ينله مطر أو وحل أو ريح ، أو ناله يسير ، جمع في الأصح ، ولو كان غير معتكف ( م ) وقيل : من خاف فوت مسجد أو جماعة جمع ، وقدم أبو المعالي : يجمع الإمام ، واحتج بفعله عليه السلام ، وقال بعضهم : والجمع في وقت الثانية أفضل ، وقيل : في جمع السفر ( و ش ) وقيل : التقديم ، وجزم به غير واحد في جمع المطر ( و م ) ونقله الأثرم ، وإن جمع في السفر يؤخر ، وقيل : الأرفق به ، واختاره شيخنا ، وذكره ظاهر مذهب أحمد المنصوص عنه ( م 1 ) وإن في جوازه للمطر في وقت الثانية وجهين ; لأنا لا نثق [ ص: 70 ] بدوامه . ونقل ابن مشيش : يجمع في حضر لضرورة مثل مرض أو شغل ( خ ) قال القاضي : أو ما يبيح ترك الجمعة والجماعة ، قال صاحب المحرر : هذا من القاضي يدل على أن أعذارهما كلها تبيح الجمع ، واحتج في الخلاف بأن الجماعة تسقط بالمطر ، للخبر ، وإذا سقطت الجماعة للمشقة جاز الجمع بينهما لهذا المعنى ، ونقل أبو طالب في المطر يكون يوم الجمعة [ ص: 71 ] بالغداة فيصير طينا ثم ينقطع وقت الذهاب فقال : من قدر أن يذهب فهو أفضل ، وإن لم يقدر لم يذهب ، قال : فقد جعل ذلك عذرا في إسقاط الجمعة ، فعلى قياسه يكون عذرا في الجمع ، ويتوجه مراده غير غلبة نعاس .

                                                                                                          وقال صاحب المحرر أو صاحب النظم : الخوف يبيح الجمع في ظاهر كلام أحمد ، كالمرض ونحوه ، وأولى ، لمفهوم قول ابن عباس : " من غير خوف ولا مطر " وبه تمسك إمامنا في الجمع للمطر ، واختار شيخنا الجمع لتحصيل الجماعة ، وللصلاة في حمام مع جوازها فيه خوف فوت الوقت ، ولخوف تحرج في تركه ، أي مشقة ، وفي الصحيحين في خبر ابن عباس أنه سئل : لم فعل ذلك ؟ قال : " أراد أن لا يحرج أحدا من أمته " فلم يعلله بمرض ولا غيره وحمل على آخر الوقت وأوله ، وعلى المشتقة ، ومثل صاحب المحرر بالضعيف للكبر ، وأجاب القاضي وغيره : بأنه يجوز أن يكون في ابتداء الأمر ثم نسخ . قال : وقد أومأ إليه في رواية صالح ، وقد [ ص: 72 ] قيل له عنه فقال : قد جاءت الأحاديث بتحديد المواقيت ، وسبق كلامه في الجمع ، للوحل .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( مسألة 1 ) قوله بعدما ذكر ما يجوز الجمع لأجله قال بعضهم : والجمع في وقت الثانية أفضل ، وقيل : التقديم ، وجزم به غير واحد في جمع المطر ونقله الأثرم ، [ ص: 70 ] وإن جمع في السفر يؤخر ، وقيل : الأرفق به ، واختاره شيخنا ، وذكره ظاهر مذهب أحمد المنصوص عنه ، انتهى ، ذكر المصنف عدة أقوال في محل الأفضلية ، حيث قلنا بجواز الجمع فنقول : روي عن الإمام أحمد أن جمع التأخير أفضل مطلقا ، وجزم به في المحرر والإفادات ، ومجمع البحرين ، والمنور ، وتجريد العناية ، وغيرهم ، وقدمه في المستوعب والنظم ، وحواشي المصنف على المقنع ، وقال : ذكره جماعة ، قال الشارح : لأنه أحوط ، وفيه خروج من الخلاف وعمل بالأحاديث كلها ، قال الزركشي : وعليه الأصحاب ، يعني أن جمع التأخير أفضل ، لكن ذكره في جمع السفر ، وقال في روضة الفقه : الأفضل التأخير في جمع المطر ، وقيل : جمع التأخير أفضل في السفر دون الحضر ، وجزم بأن الأفضل في حق المريض فعل الأصلح له ، وقدم أن التأخير وإن كان في المنزل فالأفضل التقديم ، وقال في المذهب : الأفضل في حق من يريد الارتحال في وقت الأولى ولا يغلب على ظنه النزول في وقت الثانية أن يقدم الثانية ، وفي غير هذه الحال الأفضل تأخير الأولى إلى وقت الثانية ، انتهى . وقيل : جمع التقديم أفضل مطلقا ، وقيل : جمع التقديم أفضل في جمع المطر ، نقله الأثرم ، وجمع التأخير في غيره وجزم به في الكافي ، والحاويين ، وقدمه في الرعايتين ، وتقدم كلام ابن تميم .

                                                                                                          وقيل : يفعل الأرفق به مطلقا ، اختاره الشيخ تقي الدين ، وقال : هو ظاهر المذهب المنصوص عن أحمد ، وجزم به الشيخ في المقنع ، وصاحب الوجيز ، وتذكرة ابن عبدوس ، وشرح ابن منجى ، وغيرهم ( قلت ) : وهو الصواب ، وقيل : يفعل المريض [ ص: 71 ] الأرفق به من التقديم والتأخير ، وجزم به ابن تميم كما تقدم ، وقاله صاحب الفائق ، والشيخ الموفق ، وزاد : فإن استويا عنده فالأفضل التأخير ، وقال ابن رزين : ويفعل الأرفق إلا في جمع المطر فإن التقديم أفضل ، انتهى ( تنبيه ) إذا قلنا بأن يفعل الأرفق واستويا عنده ، قال في الكافي وابن منجى في شرحه : الأفضل التأخير في المرض ، وفي المطر التقديم ، وتقدم كلام الشيخ أيضا في المريض ، والله أعلم ، فهذه مسألة واحدة في هذا الباب




                                                                                                          الخدمات العلمية