الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3400 [ ص: 187 ] 1814 - (3410) - (1\361) عن يزيد الفارسي، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم زمن ابن عباس، قال: وكان يزيد يكتب المصاحف، قال: فقلت لابن عباس: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم قال ابن عباس: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " إن الشيطان لا يستطيع أن يتشبه بي، فمن رآني في النوم، فقد رآني " فهل تستطيع أن تنعت لنا هذا الرجل الذي رأيت؟ قال: قلت: نعم، " رأيت رجلا بين الرجلين، جسمه ولحمه، أسمر إلى البياض، حسن المضحك، أكحل العينين، جميل دوائر الوجه، قد ملأت لحيته، من هذه إلى هذه، حتى كادت تملأ نحره " - قال: عوف لا أدري ما كان مع هذا من النعت - قال: فقال ابن عباس لو رأيته في اليقظة ما استطعت أن تنعته فوق هذا.

التالي السابق


* قوله: "إن الشيطان لا يستطيع أن يتشبه بي": أي: يتصور بصورتي، ويظهر لأحد في هيئتي.

* "فقد رآني": أي: لا أنه رأى الشيطان ظهر في صورتي، وتشبه عليه بحيث إنه زعم أنه رآني ولم يرني، وظاهر تفريع.

* قوله: "فمن رآني في النوم فقد رآني": على قوله: "إن الشيطان لا يستطيع أن يتشبه بي" أن هذا الكلام فيما إذا رآه على صورته المعهودة، فينبغي أن يعرض رؤياه على شمائله الشريفة المعلومة، فإن طابقت الصورة المرئية تلك الشمائل، فهي رؤيا حق، وإلا فالله أعلم بذلك، وبهذا قال بعض العلماء، وبه يشعر كلام ابن عباس؛ حيث بحث عن النعت، وقد جاء عنه مثله في حديث آخر، فقد أخرج الحاكم عن عاصم بن كليب، قال: حدثني أبي، قال: قلت لابن عباس: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال: صفه لي: قال: ذكرت الحسن بن علي، فشبهته به، قال: قد رأيته. وسنده جيد. [ ص: 188 ]

ومثله جاء عن ابن سيرين، فقد أخرج إسماعيل القاضي من طريق أيوب، قال: كان محمد بن سيرين إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: صف الذي رأيت، فإن وصف له صفة لا يعرفها، قال: لم تره. وسنده صحيح، ذكره السيوطي في "حاشية أبي داود".

وكثير من العلماء لم يشترطوا في ذلك كون الرؤية في صورته المعهودة، بل قالوا: في أي صورة كانت، وقالوا: الاختلاف إنما يجيء من أحوال الرائي وغيره، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية