الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3581 1875 - (3592) - (1\378) عن علقمة، قال: كنت أمشي مع عبد الله بمنى، فلقيه عثمان، فقام معه يحدثه، فقال له عثمان: يا أبا عبد الرحمن، ألا نزوجك جارية شابة، لعلها أن تذكرك ما مضى من زمانك؟ فقال عبد الله: أما لئن قلت ذاك، لقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة، فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم، فإنه له وجاء".

التالي السابق


* قوله: "ألا نزوجك": قيل: هو عرض، وقيل: تحضيض، وفرق بينهما معنى بأن ما تأكد فيه الطلب تحضيض، وما لم يتأكد عرض، وقيل: ما كان المحثوث عليه فيه من عند المتكلم عرض، وما لا فتحضيض، والجارية هاهنا ليست من عند عثمان في الظاهر، فهو تحضيض.

قلت: بل هي من عنده; لقوله: نزوجك، ولا يكون في ذلك أن تكون بنتا أو مملوكة له، فليتأمل.

وأما الفرق بينهما باعتبار الأحكام الإعرابية، فمحله كتب العربية.

* "أن تذكرك": أي: لعله يرجع إليك شيء من قوة الشباب والنشاط.

* "أما لئن قلت. . . إلخ": يحتمل أنه تحسين لكلام عثمان; أي: إن ما حضضتني عليه، فهو مما حضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه أيضا، ويحتمل أنه رد عليه [ ص: 231 ] بناء على أن الخطاب في الحديث بالشباب، فالمعنى: إنما يحض على ذلك من هو في سن الشباب.

* "يا معشر الشباب": الشباب - بفتح الشين - : جمع شاب، ويجيء مصدرا بمعنى: خلاف المشيب.

* "الباءة": - بالمد والهاء - على الأفصح: يطلق على الجماع، والعقد، ويصح في الحديث كل منهما بتقدير المضاف، أي: مؤنه، وأسبابه، أو المراد هاهنا بها: المؤن مجازا.

* "فليتزوج": أمر ندب، وجاء - بكسر واو ومد - أي: كسر شديد يذهب بشهوته.

قال الزركشي في قوله: "فعليه بالصوم" قيل: إنه من إغراء الغائب; أي: ومن قواعدهم أن إغراء الغائب لا يجوز، ولكن سهله هاهنا تقدم المغرى به في قوله: "من استطاع منكم" فأشبه إغراء الحاضر.

وقال ابن عصفور: الباء زائدة في المبتدأ، ومعناه الخبر لا الأمر; أي: وإلا فعليه الصوم، وقيل: هو من إغراء المخاطب; أي: أشيروا عليه بالصوم، انتهى.

قلت: ظاهر ما نقل عن ابن عصفور يقتضي وجوب الصوم، وفيه توقف، فليتأمل.

* * *




الخدمات العلمية