الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2815 [ ص: 90 ] 1629 - (2819) - (1\309) عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما كان ليلة أسري بي، وأصبحت بمكة، فظعت بأمري، وعرفت أن الناس مكذبي " فقعد معتزلا حزينا، قال: فمر به عدو الله أبو جهل، فجاء حتى جلس إليه، فقال له كالمستهزئ: هل كان من شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم " قال: ما هو؟ قال: " إنه أسري بي الليلة " قال: إلى أين؟ قال: "إلى بيت المقدس؟ " قال: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: "نعم " قال: فلم يره أنه يكذبه، مخافة أن يجحده الحديث إن دعا قومه إليه، قال: أرأيت إن دعوت قومك تحدثهم ما حدثتني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم". فقال: هيا معشر بني كعب بن لؤي حتى قال: فانتفضت إليه المجالس، وجاءوا حتى جلسوا إليهما، قال: حدث قومك بما حدثتني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أسري بي الليلة، قالوا: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس، قالوا: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ " قال: "نعم " قال: فمن بين مصفق، ومن بين واضع يده على رأسه، متعجبا للكذب زعم قالوا: وهل تستطيع أن تنعت لنا المسجد؟ وفي القوم من قد سافر إلى ذلك البلد، ورأى المسجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فذهبت أنعت، فما زلت أنعت حتى التبس علي بعض النعت "، قال: "فجيء بالمسجد وأنا أنظر حتى وضع دون دار عقال أو عقيل فنعته، وأنا أنظر إليه "، قال: "وكان مع هذا نعت لم أحفظه " قال: "فقال القوم: أما النعت فوالله لقد أصاب".

التالي السابق


* قوله: "قطعت بأمري": - بالقاف - من القطع على بناء الفاعل; أي: قطعت بما يرجع إليه أمري من تكذيب الناس إياي، وعلى هذا فقوله: "وعرفت. . . إلخ " تفسير له، أو - بالفاء والظاء المعجمتين - من فظع بالأمر; كفرح; أي: ضاق به ذرعا، وضبطه بعضهم على بناء المفعول، والله تعالى أعلم ما وجهه.

* "فلم ير": أي: أبو جهل. [ ص: 91 ]

* "أنه يكذبه": من التكذيب.

* "يجحده الحديث": ضمير الفاعل للنبي صلى الله عليه وسلم، أو للتكذيب، وضمير المفعول لأبي جهل، والحديث مفعول ثان; من جحده حقه: إذا أنكره مع علمه.

* "هيا": - بالتخفيف من حروف النداء - .

* "فانتفضت": أي: فرغت وخلصت; من نفضه.

* "بين مصفق": من التصفيق، وهو الضرب بباطن الراحة على الأخرى.

* "للكذب زعم": جمله زعم صفة الكذب على أنه في معنى النكرة; أي: لكذب زعم.

وفي "المجمع": رجاله رجال الصحيح.

* * *




الخدمات العلمية